كم ساعة من حياتنا نُهديها لوسائل التواصل الاجتماعي يوميًا؟
في عالم رقمي أصبح فيه الهاتف الذكي امتدادًا لأيدينا، بات مصطلح "وقت الشاشة" جزءًا لا يتجزأ من نقاشاتنا اليومية حول الصحة والإنتاجية والعلاقات الإنسانية. ومع دخولنا عام 2025، وصلت علاقتنا بمنصات التواصل الاجتماعي إلى مستويات غير مسبوقة من الاندماج. فكم ساعة بالضبط يقضي الإنسان العادي يوميًا وهو يتنقل بين الخلاصات والقصص ومقاطع الفيديو القصيرة؟ الإجابة التي تكشفها أحدث الإحصائيات ليست مجرد أرقام، بل هي مرآة تعكس عاداتنا وتوضح تحولات مجتمعية عميقة.
المتوسط العالمي: أكثر من ساعتين يوميًا في العالم الافتراضي
تكشف أحدث التقارير العالمية لعام 2025 أن متوسط الوقت الذي يقضيه الفرد على وسائل التواصل الاجتماعي يوميًا يتراوح بين ساعتين وtwenty دقيقة إلى ساعتين وforty one دقيقة. هذا الرقم، الذي قد يبدو متواضعًا للوهلة الأولى، يُترجم إلى أكثر من seventeen ساعة أسبوعيًا، وحوالي 3 أيام كاملة شهريًا، وأكثر من شهر ونصف من كل عام يقضيها الفرد وهو منغمس في هذه المنصات.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو الاتجاه التصاعدي المستمر. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، شهد متوسط وقت الشاشة العالمي على وسائل التواصل الاجتماعي زيادة بنسبة تقارب 38%، مما يؤكد أن جاذبية هذه المنصات تزداد قوة وتأثيرًا بمرور الوقت.
خريطة الاستخدام العالمية: تباين جغرافي لافت
لا يتم توزيع هذا الوقت بالتساوي عبر العالم. تظهر الأسواق الناشئة والمناطق التي ترتفع فيها نسبة الشباب أرقامًا أعلى بكثير من المتوسط العالمي.
الدول الأكثر استهلاكًا: تتصدر دول مثل جنوب إفريقيا (أكثر من three ساعات و40 دقيقة)، والبرازيل والفلبين (حوالي three ساعات وthirty دقيقة) القائمة.
في العالم العربي: تُظهر دول مثل المملكة العربية السعودية (حوالي ساعتين و50 دقيقة) ومصر (ساعتان وforty دقيقة) معدلات استخدام مرتفعة، مما يعكس الأهمية الكبيرة لهذه المنصات في النسيج الاجتماعي والثقافي.
الدول الأقل استهلاكًا: على الطرف الآخر، تسجل دول مثل اليابان (أقل من ساعة واحدة يوميًا) معدلات أقل بكثير، وهو ما قد يعود لعوامل ثقافية وديموغرافية مختلفة.
من يسرق الوقت؟ المعركة بين المنصات
تتفاوت جاذبية المنصات وقدرتها على الاستحواذ على وقت المستخدمين بشكل كبير. وفي عام 2025، أصبح الفائز في هذه المعركة واضحًا.
تيك توك (TikTok): ملك وقت الشاشة بلا منازع
بفضل خوارزميته فائقة الذكاء ومحتوى الفيديو القصير الذي لا ينتهي، يتربع تيك توك على عرش المنصات الأكثر استهلاكًا للوقت. يقضي المستخدم العادي على تيك توك ما بين sixty إلى 95 دقيقة يوميًا، وهو رقم يتجاوز بكثير منافسيه.
إنستغرام (Instagram):
لا يزال إنستغرام لاعبًا قويًا، خاصة مع ميزة "الريلز" (Reels). يقضي المستخدمون عليه ما متوسطه forty five إلى sixty دقيقة يوميًا.
فيسبوك (Facebook) و X (تويتر سابقًا):
على الرغم من قواعدهما الجماهيرية الضخمة، إلا أنهما أقل استهلاكًا للوقت مقارنة بالمنصات المرئية. يتراوح متوسط الوقت على فيسبوك حول 30 دقيقة، بينما يقضي المستخدمون وقتًا أقل على منصة X.
التحليل: إن هيمنة تيك توك تؤكد أن محتوى الفيديو القصير والمخصص هو المحرك الأقوى لزيادة وقت الشاشة. لقد أجبر هذا النجاح المنصات الأخرى على تبني نفس الاستراتيجية، مما أدى إلى تحول شامل في طبيعة المحتوى الذي نستهلكه.
الفجوة العمرية: الجيل Z في عالم خاص به
الفئة العمرية هي العامل الأكثر تأثيرًا في تحديد مقدار الوقت الذي نقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي.
الجيل Z (مواليد 1997-2012): هم السكان الأصليون لهذا العالم الرقمي. يقضون أكثر من three ساعات وeighteen دقيقة يوميًا في المتوسط، حيث تعتبر هذه المنصات جزءًا أساسيًا من هويتهم وتواصلهم الاجتماعي.
جيل الألفية (مواليد 1981-1996): يتبعونهم عن كثب بمتوسط يقارب ساعتين الإحصائيات و47 دقيقة يوميًا.
الأجيال الأكبر سنًا: يقل الاستخدام بشكل ملحوظ مع التقدم في العمر، حيث يقضي جيل الطفرة السكانية (Baby Boomers) حوالي ساعة ونصف يوميًا.
خاتمة: دعوة للتفكير والتوازن
إن الأرقام لا تكذب. لقد أصبح وقت الشاشة على وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا ثابتًا وضخمًا من حياتنا اليومية. وبينما توفر هذه المنصات فوائد جلية في التواصل والترفيه والمعرفة، فإنها تفرض علينا أيضًا تحديات تتعلق بالصحة النفسية، مثل القلق والمقارنة الاجتماعية وتأثيرها على جودة النوم والتركيز.
إن التحليل النهائي لهذه الإحصائيات ليس مجرد معرفة بالأرقام، بل هو دعوة لكل فرد منا لمراجعة عاداته الرقمية بوعي، والسعي نحو تحقيق توازن صحي يضمن لنا الاستفادة من مزايا هذا العالم المتصل دون أن نصبح سجناء لشاشاته.